ولد سيد درويش في مدينة الإسكندرية في حي كوم الدلة في 17 آذار مارس عام 1892 وكان أبوه المعلم درويش البحر يمتلك دكانا صغيرة لصناعة النجارة البلدية في حيه وعندما تهيأ الطفل سيد لبداية حياته المدرسية أراد له والده أن يسلك مسلك العلم والفضل وخط له طريقا يجعله في مستقبله شيخا وموجها دينيا أ وإماما أ ومدرسا وابتدأ الطفل يداوم على الكتاب.
بعد تعلمه القراءة والكتابة وحفظه لبعض أجزاء القرآن الكريم ترك سيد الكتاب وانتسب إلى المعهد الديني في الإسكندرية تنفيذا لرغبة والده.
التزم سيد بالدوام في هذا المعهد سنته الأولى ويوم دخوله المعهد اشترى له أبوه جبة وقفطانا وعمامة تليق بطلبة العلم الشريف وحينما ارتدى الطفل سيد هذه الملابس أمام والديه أطلقت الوالدة زغرودة من أعماق قلبها فرحا وابتهاجا واغرورقت عينا الوالد بدموع الغبطة والفرح والأمل والبشرى.
وفي العام الثاني من حياة الشيخ سيد الدراسية في المعهد الديني توفى والده المعلم درويش البحر النجار الفقير ولم يخلف له إلا بعض الديون والتزام إعالة أمه وأخته اضطر سيد إلى قطع مرحلة دراسته وخلع سيد المسكين عمامته وجبته وراح يبحث عن عمل يعيش من وارده وأول عمل قام به ه وبيع الأثاث القديم مع قريب له ثم عمل مساعدا لبائع دقيق ثم مناولا المونة لأحد مبيضي النحاس
كان الشيخ سيد خلال عمله يترنم بجمال صوته بألحان قديمة معروفة وكان زملاؤه العمال أثناء سماعهم هذه الألحان يقبلون على عملهم بحماسة ورغبة لا مثيل لهما فسر به معلمه وأمره أن يكف عن العمل ويكتفي بالغناء فقط ففرح الشيخ سيد وجلس يغني طول نهاره للعمال ويشجعهم على عملهم وكان الغناء السائد آنذاك أغاني عبده الحمولي ومحمد عثمان وكانت هذه الانطلاقة الأولى سببا في شعور الشيخ سيد درويش بموهبته الفنية ويقال أيضا انه في العام الثاني من دراسته في المعهد الديني في الإسكندرية وجد على الرصيف عند بائع الكتب القديمة كتابا يبحث في مبادئ الموسيقى ثمنه نصف قرش فأيقظ هذا الكتاب في نفسه مواطن الموهبة الموسيقية وهناك عامل ثالث نبه فيه الشعور بالموهبة ه وإعجابه بصوت حسن الأزهري الذي كان يدعى لإحياء الحفلات الغنائية عند الأغنياء في السرادق وكان سيد درويش لا تفوته حفلة من حفلات الشيخ حسن حتى تأثر به وصار يقلده تقليدا بارعا في طريقة غنائه وأدائه إن هذه العوامل الثلاثة بمجموعها تعتبر اللبنة الأولى في بناء حياة الشيخ سيد الفنية والمنطلق الأول نحو المجد الموسيقي الفني الذي توصل إليه فيما بعد لم يرض الشيخ سيد أن يقتصر غناؤه على عمال المبيض دون سواهم بل رغب أن يسمع فنه في سائر مجتمعه الذي يعيش فيه فترك مهنة المبيض وعاد إلى عمامته وقفطانه وامتهن الغناء بصورة نهائية وصار يقلد في غنائه الشيخ حسن الأزهري معلمه الأول وكان يؤدي ألحان عبده الحمولي ومحمد عثمان بطريقة جديدة غير معهودة ولا مألوفة على أسماع مواطنيه فلمع اسمه وذاعت شهرته بسرعة فائقة ولكن هذه الشهرة كانت ضمن نطاق ضيق محدود لم تشبع نفسه الطموحة من جهة ومن جهة أخرى إن وارد الحفلات المتقطعة لم يكفه في سد حاجات معيشته وحياته أراد الشيخ سيد لنفسه واردا ثابتا يعتمد عليه فكان له ذلك ولكن على حساب كرامته وصحته ووضعه.
الشيخ سيد درويش في حياته الفنية وأغانيه:
في الفترة التي عمل فيها الشيخ سيد درويش على المسارح الرخيصة عرف أمرين لم يكن بهما سابق معرفة النساء وصياغة الألحان فالتعارف الأول طبيعي وأما التعارف الثاني فكان بحكم الموهبة المتأصلة في نفسه وروحه وكلاهما فطري بالنسبة لهذا الفنان الكبير كما أن ألمه الكمين في نفسه كان السبب في أن يخرج إلى الوجود بلغته الفلسفية النغمية فيسحر بجمالها الألباب ويرقص النفوس إنه ما كان يلحن أغنية حتى يرددها أفراد الشعب والعوالم اللواتي يقمن الأفراح والمسارح الغنائية وموسيقا الجيش والموسيقا الأهلية السر في انتشار الشيخ سيد بين أفراد الشعب هوان لكل لحن قصة ومناسبة ولكل مناسبة أثرها العميق في نفس الشيخ سيد درويش المرهفة الحساسة فأول أغنية لحنها كانت زوروني كل سنة مرة حرام تنسوني بالمرة وكانت مناسبة تأليفها أن امرأة يحبها قالت له هذه العبارة ابقى زورنا يا شيخ سيد ول وكل سنة مرة ولحن آخر كان وحيه امرأة غليظة الجسم اسمها جليلة أحبها حبا عظيما وغدت إلهامه في النظم والتلحين والغناء هجرته هذه الامرأة وأخذت تتردد على صائغ في الإسكندرية وعمل لها الصائغ خلخالا فغضب الشيخ سيد وفكر بالانتقام من حبيبته وعزوله وكان أول انتقام من نوعه على الطريقة الموسيقية الغنائية
ولحن الشيخ سيد أجمل أغانيه في مناسبة غرامية حرجة وكانت الأغنية من مقام حجاز كار وقصة هذه الأغنية انه بينما كان يعمل مغنيا على مسارح الإسكندرية يعلق قلبه بحب غانيتين الأولى اسمها فردوس والثانية اسمها رضوان فكان إذا تخاصم مع الأولى ذهب إلى الثانية والعكس بالعكس وصدف مرة أن هجرته الاثنتان معا وبقي مدة من الزمن يتلوى من ألم الهجران وفي إحدى لياليه بينما كان رأسه مليئا بما تعود عليه في بيئته ومحيطه من ألوان الخمور والمخدرات خطرت على باله فردوس وهاج شوقه فقصد بيتها طالبا الصفح والسماح بالدخول عليها ولكنها أبت استقباله لعلاقته مع عشيقته الثانية رضوان فأقسم الشيخ سيد أيمانا مغلظة بأنها صاحبة المقام الأول في قلبه وجوارحه ولكن فردوس أرادت البرهان بأن يغنيها أغنية لم يسبق أن قالها أحد قبله في غانية فأنشدها في الحال
يا ناس أنا مت في حبي وجم الملايكة يحاسبوني حدش كده قال
وانتهت الأغنية بالبيت الأخير الذي كان له شفيعا في دخول بيت فردوس فقال:
“قالوا لي اه وجنة رضوان واخترت أنا جنة فردوس”
شعر الشيخ سيد بتدهوره الاجتماعي إثر غرامه المتواصل من غانية إلى غانية فقرر أن يترك الإسكندرية وان يقيم في القاهرة وبخاصة حتى يبعد عن جليلة وفعلا ترك الإسكندرية عام 1917 وقرر الإقامة في القاهرة وفيها تعرف على المطربين والمطربات والفرق التمثيلية وهنا تغيرت أحواله ودخل في دور الحياة الجدية وشعر بهذا التحسن الذي وصل إليه وأنشد آنذاك دوره المعروف
يوم تركت الحب كان لي
في مجال الأنس جانب
ورجع لي المجد تاني
بعد ما كان عني غايب
وأول حفلة أقامها الشيخ سيد في القاهرة كانت في مقهى الكونكورد وحضر هذه الحفلة أكثر فناني القاهرة منهم الممثلون والمطربون وكان على رأسهم الياس نشاطي و”إبراهيم سهلون” الكمنجاتي وجميل عويس العواد و الملحن الشهير حتى وصل عدد الفنانين المستمعين أكثر من عدد الجمهور المستمع وفي هذه الحفلة قدم سيد دوره الخالد الذي أعده خصيصا لهذه الحفلة الحبيب للهجر مايل من مقام السازكار وفيه خرج عن الطريقة القديمة المألوفة في تلحين الأدوار من ناحية الآهات التي ترددها الجوقة وكانت غريبة على السمع المألوف ولذا انسحب أكثر الحاضرين لأنهم اعتقدوا أن هذه الموسيقى كافرة وأجنبية وان خطر الفن الجديد أخذ يهدد الفن العربي الأصيل وبالطبع إن فئة الفنانين المستمعين لم ينسحبوا لأنهم أدركوا عظمة الفن الجديد الذي أعده الشيخ سيد لمستقبل الغناء العربي اشترك الشيخ سيد مع الفرق التمثيلية ممثلا ومغنيا فعمل مع فرقة سليم عطا الله وسافر معها إلى سوريا ولبنان وفلسطين وكان لهذه الرحلة أثر كبير في اكتسابه أصول الموسيقى العربية إذ تتلمذ في حلب على الشيخ عثمان الموصلي العراقي والموسيقار الحلبي عمر البطش ويقول الشيخ محمود مرسي إن الشيخ سيد عاد بعد هذه الرحلة أستاذا كبيرا في الموسيقى العربية.
والواقع أن استقراره في حلب وتعرفه وتعلمه قدودها وموشحاتها كان له أكبر الأثر في تطور طريقة معالجته للأغنية الشعبية فيما بعد.
فامتزاج مدرسة المقام العراقي مع فنون حلب والثقافة الاصلية المصرية (التي هي عنده أصلا مزيج من الاسكندرانية اليونانية وموسيقا المشيخية الصوفية القاهرية) كون لدى الشيخ سيد لونا خاصا غني ومختلف عن أقرانه في مصر.
مما لفت نظر كبار الموسيقيين في مصر ومنهم سلامة حجازي حين قال أن هذه الموسيقا ستسود حتما.
وسافر مرة ثانية مع فرقة جورج أبيض إلى البلاد السورية فأعاد الصلات الفنية بينه وبين الموسيقيين فيها واكتسب من أساتذتها ما افتقر إليه من ألوان المعرفة ولما عاد إلى القاهرة في هذه المرة رسم لنفسه خطة جديدة في ميدانه الغنائي والمسرحي فلحن معظم أدواره وموشحاته الخالدة التي عرفت الناس بمدرسته الإبداعية الجديدة ظهر للشيخ سيد أول دور بعد هذه الرحلة وكان مقام العجم يا فؤادي ليه بتعشق وكان مقتبسا من موشح حلبي قديم مقام العجم أيضا أخذه الشيخ سيد عن الشيخ عثمان الموصلي ولكنه لم يستطع في بادئ الأمر أن ينسبه إلى نفسه وإنما نسبه إلى إبراهيم القباني وأما اشتهر الشيخ سيد في تلحين الأدوار بين الناس عاد ونسبه إلى نفسه وينسب إلى الشيخ سيد عشرة أدوار واثنا عشر موشحا وأوبريت وطقاطيق وأهازيج وأناشيد وغيرها أما الأدوار فهي
يا فؤادي ليه بتعشق من مقام العجم
يلّي قوامك يعجبني من مقام النكريز
في شرع مين من مقام الزنجران
الحبيب للهجر مايل سازكار
ضيعت مستقبل حياتي من الشورى أنا عشقت من مقام الحجاز كار
أنا هويت من مقام الكرد
عشقت حسنك من مقام البستنة كار
يوم تركت الحب من مقام الهزام
عواطفك من مقام نوا أثر
أما ألحانه من الموشحات فكانت:
يا ترى بعد البعاد من مقام الراست
يا صاحب السحر الحلال من مقام الحجاز كار
يا حمام الأيك من مقام نوا أثر
يا عذيب المرشف من مقام راست
يا شادي الألحان من مقام النهاوند
العذارى المائسات من مقام الراست
يا غصين البان حرت في أمري من مقام الحجاز
حبي دعاني للوصال من مقام الشورى
طف يا دري من مقام الحجاز كار كردي
وهذه الموشحات والأدوار اشتهرت شهرة كبيرة في سائر البلاد العربية وأصبحت المادة الثقافية الفنية لكل فنان ومتفنن وأصبح قياس المعرفة الموسيقية ه وحفظ الحان الشيخ سيد وأدواره وموشحاته وأهازيجه ويقال أن الشيخ سيد أوجد نغمة الزنجران هذا إذا لم تكن هذه التسمية مأخوذة من النغمة العربية القديمة التي وردت في كتاب الأدوار لصفي الدين عبد المؤمن الأرموي والمعروفة باسم زنكلاه هذه النغمة من النغمات المركبة وتتألف من ثلاث نغمات هي العجم والجهار كار والحجاز كار بشكل مترابط واعتقد أن هذا الترابط الذي يشبه الزنجير أعطى لهذه النغمة هذه التسمية .
الشيخ سيد درويش مع الأوبرا والأغاني الوطنية
اقتبس من أقوال الزعيم مصطفى كمال بعض عباراته وجعل منها مطلعا لنشيد وطني
بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي
ولحن أيضا نشيدا وطنيا من نظم مصطفى صادق الرافعي ومطلعه
بني مصر مكانكم تهيأ فهيا مهدوا للملك هيا خذوا شمس النهار حليا
كما لحن في مناسبة أخرى أناشيد وطنية قال فيها
أنا المصري كريم العنصرين
بنيت المجد بين الاهرامين
جدودي أنشأوا العلم العجيب
ومجرى النيل في الوادي الخصيب
لهم في الدنيا آلف السنين
ويفنى الكون وهم موجودين
وأنشد في جماعة من المتظاهرين ضد الاحتلال الإنكليزي هذا النشيد محمسا إياهم قال
دقت طبول الحرب يا خيالة
وآدي الساعة دي ساعة الرجالة
انظروا لأهلكم نظرة وداع
نظرة ما فيش بعدها إلا الدفاع
وعالج الشيخ سيد في أغانيه الموضوع الاجتماعي في غلاء المعيشة والسوق السوداء قال
استعجبوا يا أفندية
ليتر الكاز بروبية
وهكذا نجد أن الشيخ سيد استطاع أن يدرك ويلمس سائر الأمراض الاجتماعية وأن يسهم في الميدان الوطني إسهاما كبيرا فكانت أغانيه الوطنية يغنيها الشعب بكل حواسه وقلبه ومشاعره.
ولم يكن أثر الشيخ سيد في ميدان التمثيل والأوبرا العربية بأقل من أثره في ميدان الموسيقى والموشح والدور والطقطوقة والمونولوج الشعبي والأناشيد الوطنية وغيره من ألوان الغناء العربي في شتى مواضيعه فقد أضاف إلى هذه المآثر مأثرة جديدة وهي تلحين الأوبرا وأول لحن كان أوبرا شهرزاد ظهرت هذه الأوبرا للمرة الأولى أواخر عام 1920 وأوائل العام 1921 وكان انقلابها بدء انقلاب جديد في عالم الموسيقى العربية والألحان المسرحية كما لحن أوبرا العشرة الطيبة ألف هذه الأوبرا محمد تيمور ونظم أغانيها بديع خيري وألف نجيب الريحاني فرقة تمثيلية خاصة برئاسة عزيز عيد لإخراجها وكلف الشيخ سيد بتلحين محاورتها وأغانيها ولحن أوبرا البروكة وهذه التسمية هي اصطلاح فني يقصد به الشعر المستعار الذي يضعه الممثلون على رؤوسهم والرواية معربة عن أوبرا لاما سكوت لأروان ولحن أوبرا كليوباترا وانطونيو واقتبس هذه الأوبرا للمسرح العربي الأستاذان سليم نخلة ويونس القاضي وقدماها للسيدة منيرة المهدية التي قدمتها بدورها لسيد درويش لوضع موسيقاها ولكنه لم يلحن منها إلا الفصل الأول وقد حاول إتمام تلحينها في فصليها الثاني والثالث الأستاذ محمد عبد الوهاب
والخلاصة إن ألحان الشيخ سيد للأوبرا بلغ عددها العشرون منها التي لحنها لفرقة نجيب الريحاني وهي وا ووآش ورن وقولوا له وفشر ولحن لفرقة علي الكسار راحت عليك ولسه وأم أربعة وأربعين والبربري في الجيش والهلال وجزء من أوبريت الانتخابات ولحن لفرقة منيرة المهدية كلها يومين والفصل الأول من أوبرا كليوباترا ولحن لأولاد عكاشة الدورة اليتيمة وهدى وعبد الرحمن الناصر وإذا اعتبرنا أن كل أوبرا عشرة ألحان فتكون مجموع ألحان الشيخ سيد في أوبراه العشرين مائتا لحن هذا بالإضافة إلى الأدوار والموشحات والأناشيد الوطنية والمونولوج وغيرها من الألحان والأهازيج التي قدمها الشيخ سيد للموسيقى العربية.
الجو السياسي المشحون في مصر تلك الفترة وتعاونه مع عمالقة الزجل مثل بيرم التونسي في تلحين أغان تعبر عن الشعب لفت اليه نظر السلطة الديكتاتورية فوضعته تحت المراقبة.
لذلك أميل للرأي أن وفاته لم تكن طبيعية في هذا العمر بل أرجح أنه اغتيل على يد السلطة وليس بجرعة زائدة من المخدرات كما يشاع.
لقد كان هدف الموسيقى المصرية قبل الشيخ سيد الطرب فقط ولكن الشيخ سيد جعل منها مهنة أكبر وهي استخدام هذا الفن العظيم في الجهاد الوطني والإصلاح الاجتماعي هذا بالإضافة إلى ناحية التطريب في الموسيقى والغناء العربي على أن الطريقة التي سار عليها الشيخ سيد في ألحانه للأوبرا كانت منهجية صحيحة وكأنه متخرج من أرفع المعاهد الموسيقية فكان يتلوا النص الشعري أولا ليتفهم معانيه فهما دقيقا ثم يعيش في بيئته ويعاشر أبطاله ثم يأخذ في إلقاء النص الشعري إلقاء تمثيليا يناسب عباراته ومعانيه كأنه ممثلا على خشبة المسرح وبعد ذلك يأخذ في إلباسه ثوبه الموسيقي الذي يناسبه ويقول الشيخ سيد أن الموسيقى لغة عالمية ونحن نخطئ عندما نحاول أن نصبغها بصبغة محلية يجب أن يستمع الرجل اليوناني والرجل الفرنسي والرجل الذي يعيش في غابات أواسط إفريقيا إلى أي موسيقى عالمية فيفهم الموضوع الموسيقي ويتصور معانيه ويدرك ألغازه لذلك فقد قررت أن ألحن البروكة على هذا الأساس وسأعطيها الجو الذي يناسب وضعها والذي رسمه لها المؤلف سأضع لها موسيقى يفهمها العالم كله.
وإذا أردنا بحث رأي الشيخ سيد في هذا الموضوع فنجده من ناحيته الأولى أنه أراد أن يخرج الموسيقى المصرية عن حدودها المحلية إلى أفقها الواسع حيث يقع عالم الإنسانية الرحب وأما من ناحية أخرى فأرى أن هذا الرأي يحوي على كثير من المبالغة والمغالاة لأن موسيقى كل أمة تنبع من شخصيتها ومن أرضها ومن طبائعها فصحيح أن الموسيقى بحد ذاتها واحدة من حيث أساسها كلغة إنسانية ولكنها مختلفة في صياغة تعابيرها الموسيقية فقد يعبر الرجل الفرنسي أو الإنكليزي عن حادث الفرح أ والألم بتعبير يختلف عن تعبير الرجل العربي السوري أو المصري لأن التعبير الموسيقي الصحيح يخب أن ينبع من شخصية كل أمة ومن أرضها ونفوس أبنائها وقد نستورد أي سلعة من الخارج إلا أن الطبائع والعادات والتقاليد من الصعب استيرادها انتهت حياة هذا الفنان الخالد يوم 15 أيلول من عام 1923 وله من العمر إحدى وثلاثون سنة وما أقصره من عمر وما أكثره من إنتاج وما أشقه من جهاد في سبيل هذه الحياة القصيرة المتواضعة.
إنه ليس من الطبيعي أن يكون الإنسان طويل العمر وكثير الإنتاج ولكنه من البديهي أما أن يكون قصير العمر كثير الإنتاج فهذا من فضل الله أولاً ومن عظمة الإنسان الذي يتصف بها فالسيد درويش من هؤلاء الذين يتصفون بهذه الصفة.كما أن الكثير من الفنانين والعظماء فقدوا الكثير من أعمارهم بعدما أنتجوا عملاً عظيماًواحدا
والسيد درويش أنتج الكثير من الأعمال العظيمة فحيّ به أن يكون عمره بهذا القصر، رحم الله الشيخ سيد وأمثاله ممن تركوا لنا تراثاً رائعاً من العطاء الفني. ً
اقدر من عبر عن الشعب المصرى بجد
نشكرك أستاذنا الفاضل على هذا الجهد الطيب لتوفيرهذه المعلومات القيمة عن أشهر المطربين والملحنين فإنه افادتنا كثيرا وأثرت معلوماتنا عن عظماء لاغناء واللحن العربي . كما اود أن أرى معلومات عن أسماء مشهورة ايضا حتى تعم الفائدة مثل ( عبدالحليم حافظ – صباح – وديع الصافي – وردة – نجاة الصغيرة – محمد قنديل – كارم محمود – محمد عبد المطلب – عبد العزيز محمود – محمد رشدي – محمد الموجي كمال الطويل – بليغ حمدي – محمود الشريف – سيد مكاوي – محمد عثمان – أحمد صدقي – داوود حسني – سلامة حجازي ) واشكرك كثيرا