خذوا الحكمة من افواهنا

ولت تلك الأيام .. التي كان يعد فيها مجنونا … من تسول له نفسه أن ينصح أحد المسؤولين في حكومة بلاده  أو حتى أن يفكر مجرد تفكير .. انه يستطيع أن يفكر عوضا عن المسؤول … أو حتى يحاول مجرد محاولة في طرق باب أحد المسؤولين بهدف قول كلمة حق أو نصح أو لفت الانتباه إلى خطأ ما ….
وكيف يتأتى ذلك .. وهل من المعقول أن يصل تفكير مواطن بسيط مثلي إلى عبقرية تفكير السيد المسؤول الذي اصطفاه المسؤول الأكبر … ليكون مسؤولا عنا أو علينا ؟؟؟؟؟

ولأن تلك الأيام ولت …. ولأنني أتمتع ببعض الحرية … التي تجعلني أتجرأ … وأنصح السيد المسؤول … وبصفتي شخصا عاملا … وعضوا نافعا في هذا المجتمع فانا أعاني مثلما يعاني غيري من المواطنين العاملين النافعين من الازدحام اليومي …. الذي تختنق به مدننا ..ودعوني أتكلم هنا عن مدينتي حلب ….
حلب يا سادة مدينة بنيت شوارعها الرئيسية ( وسط المدينة ) … منذ أيام الانتداب الفرنسي … ولذلك تجد أن عرض الطرق لم يتغير منذ الثلاثينيات من هذا القرن ونظرا إلى العدد المتزايد للسيارات … و الدراجات العادية والنارية ( النظامية وغير النظامية ) والطريزينات … والعربات التي يجرها الحمير .. وغير الحمير … فإن حلب تنقلب منذ الصباح وحتى آخر الظهر … إلى شيء لا يطاق ..
مما شجعني على الكتابة  في هذا الموضوع… هو أن هناك في حلب أيها السادة حركة نشطة … تبدو جليا للمتفحص المراقب … فالدولة كثر الله خيرها وبهمة المهندس رئيس وزرائها الجديد ( وهو أول رئيس وزراء يعينه سيادة الرئيس ) تعمل بهمة ونشاط ملحوظين فالحفريات ( وما أكثرها ) تملأ  الشوارع  …. والملاحظ أنها تنتهي وتردم بسرعة … مما يدل على وجود تلك الرغبة الجدية لدى الدولة في الإصلاح ( على الأقل إصلاح البنى التحتية ) … صحيح أن السرعة ليست بتلك التي كنا نطمح إليها .. ولكن على الأقل .. هناك رغبة جادة لدى الحكومة … في العمل لخدمة المواطن ….
وبما أن الحكومة جادة في الإصلاح…. فلماذا لا ننصح الحكومة … … نعم أيها السادة … سأنصحكم …. فعلى مدى عقود … جرب السادة المسؤولين كافة الحلول التي تفتقت بها قريحتهم لتخفيف الازدحام … فمن منع لركن السيارات على جانبي الطرقات .. إلى تغيير الطرق لتعمل بنظام الاتجاه الواحد … إلى تكثيف وتكثير الإشارات الضوئية .. إلى تكثير عدد أفراد شرطة المرور … وصولا إلى منع سيارات معينة ( البيك آب والشاحنات ) إلى المرور في وسط البلد … ولكن كل الحلول لم تجد نفعا … أمام طوفان الأعداد المتزايدة للسيارات …. والناس …
يا رئيس الوزراء …. تعال إلى حلب يوم السبت … وانزل إلى وسط المدينة  …  وسترى بكل بساطة أن لا ازدحام …لماذا أقول السبت … لأنني إذا ذكرت الجمعة ستقول لي أن المتاجر مغلقة لهذا فمن الطبيعي أنه ليس ثمة ازدحام … ولذلك سأقول السبت …. لأنه في يوم السبت الجميع يعمل … إلا الدوائر الحكومية ….

وأكيد أن مخك سيهتدي مثلي إلى الحل …. الحل يا سيدي بسيط جدا ….

لماذا لا تشتري الدولة مئة ألف أو حتى نصف مليون متر مربع على بعد 20 كيلومتر شرق حلب ( على طريق الرقة … حيث الأرض رخيصة والعمران متوقف ) … يقدر سعر المتر هناك من 200 – 300  ليرة سورية … وتبني عليها مجمعا كبيرا بأسلوب عصري … ومدروس لخدمة المواطنين …. ( أروقة  – ممرات – غرف للموظفين )
… وللمعلومات نصف مليون متر مربع شرق مدينة حلب …ثمنها مليار ليرة سورية … تستطيع الدولة أن تحصل عليها ببيع جزء من أرض سوق الإنتاج الصناعي والزراعي بحلب … الواقع وسط البلد … و هو احد عوامل الازدحام …. فما بالك إذا تم بيع بقية الدوائر ( التي تقع في أغلى المناطق في حلب ) …

ما لذي سنربحه من إقامة هكذا مشروع  … سأقول :

  • سيخف الازدحام عن مدينة حلب … بنسبة 80%.
  • ستصبح دوائر الدولة صحية أكثر ومصممة بشكل عصري … بحيث تريح الموظف والمواطن .
  • سنخلق ظروف عمل أفضل وأحسن للكثير من صغار الكسبة وأصحاب الحرف البسيطة والمتاجر البسيطة ( كالمطاعم – والمكتبات وبائعي الطوابع والمقاهي ) … فهجرة الدوائر بالتأكيد ستجعل الكثير من أصحاب الحرف المتعلقة …. مندفعين لشراء أراض وبناء محال تجارية … حول المجمع للتخديم عليه .
  • إفادة الكثير من أصحاب الميكروباصات والتاكسي وحتى باصات الدولة … في حركة التنقل والنقل . للموظفين والمواطنين .

وبالطبع هناك فوائد كثيرة … لا مجال لذكرها الآن .

ما لذي سنخسره من إقامة مشروع كهذا … سأقول :

لا شيء نخسره مطلقا ….. فمن خلال بيع الدوائر الموجودة ضمن البلد …. فإن الدولة ستشتري وتبني المجمع ..وستحقق فائضا يعود على خزينة الدولة ….

الأمر لا يحتاج إلا إلى قرار جريء من رئيس مجلس الوزراء .. الذي هو أصلا مهندس .. ويستطيع أن يدرك بعقليته العلمية التي أثبتت الأيام أنها عقلية ديناميكية ..

فهل يا ترى يقرأنا رئيس مجلس الوزراء ….
هل تراه يفهمنا …
هل تراه يقبل منا … نحن المواطنون البسطاء ….

نتمنى

رأيك يهمنا