الغناء في العصر الجاهلي

قبل البحث عن الموسيقى في العصر الجاهلي لابد لنا من معرفة معنى كلمة جاهلية وتحديد الحقبة الزمنية التي سميت بهذا الاسم وأخيراً معرفة التراث الموسيقى وأنواعه ومادته في ذلك العصر .
فكلمة الجاهلية كما وردت في كتاب ” المصباح المنير ” أنها مشتقة من الجهل ، يسمى العصر الجاهلي لأنه كان عصر جهالة بمعناه اللغوي ، وعصر عصبيات وعنفوان وقوة وغزوات في المجال الاجتماعي ، وعصر عبادة أوثان في المجال الروحي والتعبدي . وينسب مترجم دار المعارف الموسيقية المرحوم ” اسكندر شلفون ” كلمة الجاهلية إلى جهل العرب بتعاليم الدين الإسلامي .

والعصر الجاهلي في نظر الأدباء والمؤرخين هو الثلاثمائة عام التي سبقت الإسلام ، وتحديد هذا التاريخ لا يعنى أن العرب كانت قبله في جهالة علمية وحضارية ، حيث أننا لو نظرنا إلى الناحية العلمية والفكرية في ذلك العصر ، لوجدنا للعلم أسواقاً ومنتديات مثل ” سوق عكاظ ” والذي يعد من أعظم أسواق الجاهلية مكانة

هذا بالإضافة إلى أن المعارف العلمية التي توارثها عرب الجاهلية عن عرب بلاد العرب الجنوبية ” معين ، سبأ ، قتبان ، حضرموت ” وكان لها أعظم الأثر في نهضة العرب العلمية والفكرية آنذاك .  كما أننا إذا تحرينا عن الموسيقى في العصر الجاهلي نجد أنها كانت في مجالس الملوك والأمراء وفى ندوات الأدباء والشعراء .

ولقد كانت اليمن من أشهر مدن الجزيرة العربية التي تعتبر مصدر العلوم والآداب والفنون الموسيقية ومركز إشعاعه ، وكان العرب قديماً يعتبرون المغنيين الحضرميين والسبأيين أكثر الفنانين تفوقاً وأطولهم باعاً عن سواهم ، حيث كان ملوك سبأ يعطفون على الموسيقيين ويشجعون الموسيقى ويرعونها خير رعاية ، وازدهرت في عهدهم  ازدهاراً كبيراً .

وعلى الرغم من وجود الأصنام والمعابد إلا أن عرب الجاهلية لم يهتموا بأي نوع من الديانات إلا قليلاً ، فقد سادت المدن والقرى النظرة البدوية إلى الحياة والتي تعتمد على الملذات ، فقد كان العربي البدوي لا يهتم سوى بالحب ، والخمر ، والميسر ، والصيد ، ولذات الغناء ، والمخاطرة ،  والتعبير الموجز الملمح البليغ بلباقة وحكمة عما يريد ، ولا يرى بعد ذلك سوى القبر .     

وقد لعبت الموسيقى في ذلك الوقت دوراً هاماً في أسرار العرافين والسحرة ، وكان من الواضح أنهم كانوا يستدعون الجن بالموسيقى ، بل لقد بلغ بهم اعتقادهم أن الجن هم الذين يوحون بالأشعار للشعراء وبالألحان للموسيقيين . وقد كان فن الإنشاد في ذلك الوقت مصدراً من مصادر التثقيف عن طريق السمع ، حيث كان شعراء الجاهلية ينشدون شعرهم ، ولم يكن الغناء من عملهم ، حيث أنهم من صفوة المثقفين في ذلك المجتمع ، فكانوا يترفعون عن مجالسة المغنيين .

ولكن كان هذا الأمر موكولاً للجواري والقيان اللاتي يمتلكن أصواتاً جيدة طروبة ، فكان الشاعر يعطى شعره إلى جارية من صاحبات الأصوات الجميلة والتي تدفع به إلى ملحن يلقنها عزف اللحن على الآلات المعروفة آنذاك ، ثم تقوم بحفظه وغنائه في مجالس اللهو والطرب حيث يلقى الشهرة .

ونظراً لأهمية الكلمة وأثرها البالغ في الموسيقى ، نجد أن الشعر في العصر الجاهلي مثل بإيقاعاته ونبراته ومداته الطويلة والقصيرة نوعاً من الموسيقى ، وقد قامت مجموعة من الآلات الموسيقية بترجمة هذه الكلمات نذكر منها :-

أولاً – الآلات الوترية :-
1 . الطنبور .

2 . العود وله عدة أنواع منها :-
–     المزهر وهو ذو تجويف جلدي .
–         الكران .
–     البربط ويعنى صدر البطة .
–         الموتر .
3 . الجنك وهو يشبه القانون .

4 . المعزفة وهى نوع من القانون أيضا .

5 . المربع وهو غالبا القيثار المربع ذو التجويف المنبسط .     

ثانياً – آلات النفخ :-

1. المزمار .

2. القصابة وهى الناى المنتصب عمودياً . 

3. الديانى وهو الناى المزدوج .

ثالثاً – الآلات الإيقاعية :- 

1. القضيب وهو لضبط وزن الغناء .

2. الطبل .

3. الدف .

4. الصنوج .

5. الجلاجل . 

6. الكاسات .

ومن أشهر الموسيقيين العرب في هذه الفترة نذكر :-

عدى بن ربيعه :- شاعر بنى تغلب ، وقد لقب بالمهلهل .

علقمة بن عبدة :- وهو من شعراء المعلقات .

الأعشى ميمون بن قيس :- وقد لقب بصناجة العرب أى العازف العربى على الصنج ، ولكن من المرجح أن معنى اللقب وزان العرب فى الشعر .

النضر بن الحارث :- الذى بدل آلة العود محل المزهر القديم فى العزف .

ومن النساء الموسيقيات كانت :-

أم حاتم الطائي الشاعر المعروف .

الخنساء شاعرة الرثاء والتى كانت تغنى مراثيها بمصاحبة الموسيقى .

الجرادتان .

هند بنت عتبة . 

رأيك يهمنا