عبد اللطيف خطاب

عشر سنوات مرت على اغلاقك للأبد تلك العينين .
ياصديق الحب والالم والمرض والمصيبة والمقهى.
ابو لين العذب الحميم الجميل. عدو التطرف بكل اشكاله … كان الاطيب والاعمق ممن عرفت.
كان يقول دائما عندما نكون وحدنا انا أشبهك وانت لا تشبه أحد.
أنا أيضا ولدت مع الألم.
قمة الكوميديا السوداء كانت عندما مات نتيجة خطأ في التخدير. كمن ينجو من الاعصار لتقتله قرصة حشرة.
كان يجب ان يموت من القلب الذي ولد به مشوها او ربما من المراره عندما منعت دواوينه من النشر.
او من الحزن … او حتى من الشعور بالتفوق عن محيط بدون فاعلية.
مجد الليل/ أين ولّى العمر الذي أهذرُ فيه-/ بئرٌ في الصحراء أنا …”، ثمّ يضيف:
“لا سنة تأخذني/ والنومُ عذابي./ يهتزّ سريري/ وأنا العرشُ المتأرجحُ/ في لجّ عماءِ/ الروح”.
ااااااااه الست القائل.
سلاماً على الذي ماتْ، والذي سيموتْ، ما عاد أحبابنا مثلما كانوا، ولا رجَّعَ الزمانُ صدى آهاتنا الحرّى على قومٍ قضوا نَحْبَهُمْ بين الجماجم،
ولم نخن مواثيقنا مثل بني إسرائيل من أهلِ الكتاب، وما قدسنا الأصاغرَ وفتات الجماهير،
وما عرَّجنا وبصقنا على وجوههم جزاء دفننا المتخلفِ،
وما استَنْبَتْنَا المدائح النبويةَ لشخصه المبجلِ، وما اعتلينا عروش الأنثى كالزناةِ الجُلافِ،
غير أننا تباركنا بالذي: بالذي حام علينا كالرحى،
بالذي يخطف كالنسر بما نقتات، بالذي وجّهَ قتلاه على ذبح الفرائسْ، والذي اقتات فُتَاتَ الخبزِ والقلب الرديءْ،
بالذي نافحَ عن حكم العشائرْ يوم ما كنا فرادى وقبائِلْ، كانت الأشياءُ تقعي بارتخاءْ،
والقرى كانت تزدهرُ بدولِ البدو والبابونج، وتعانق الأفاعي المزدانة بالبرجوازيينَ والسمَّ، وتحيي الرجال الصائحين
كصيحتي: لا تبتئسْ، فأنا صديق القادمين من الخراب.
اليوم وانا جالس لوحدي على شرفة شاهقة في بيروت …. سألت نفسي … لماذا ترحلون و نبقى.

رأيك يهمنا