يشترك كل من المؤلف والمؤدي (العازف أو المغني أو المايسترو )، والمستمع .. في خاصية الإبداع الموسيقي..لأن ثلاثتهم يشتركون في خلق العمل الفني، وإخراجه بطريقة أو بأخرى.
فالمؤلف يقوم بعملية الإبداع الأولي.. ثم يأتي دور الأداء ، فيقوم العازف مثلا بإعادة الخلق والإبداع للحن الذي وضعه المؤلف .. والذي لا يوجد ولا يسمع بدون العازف.. والأداء هنا هو اشتراك في الإبداع مع المؤلف.. لأن اللحن يخرج إلى السمع من خلال العازف وفهمه وتكوينه وتجاوبه العصبي والحسي.. وأخيرا فإن المستمع يشترك مع كل من المؤلف والعازف في عملية الإبداع الموسيقي.. وهو الذي يحكم على جودتها وفقا لتكوينه وظروفه. فهو لذلك يشترك في عملية الإبداع الموسيقي.
إن هذا الفن السمعي العظيم.. هو الوحيد بين الفنون الذي لا يوجد إلا بثلاثة .. هم المؤلف والعازف والمستمع.. ولا تكون له قيمة على الإطلاق عند تغيب أي من هذه العناصر الثلاثة. وفي بعض الأحيان يكون المؤلف هو نفسه العازف. وهذا لا ينفي أن عمل المؤلف يمر حتى في هذه الحالة بمرحلتين .. هما التأليف وإعادة التأليف أي الأداء.
العقل هو وحده الذي يتحكم في عملية الإبداع الموسيقي بجوانبه المختلفة. وهو وحده الذي يتحكم في الإحساس وفي الذاكرة ، هو وحده الذي يفرق بين الإنسان والحيوان.. فما بالكم بالإنسان الفنان .. لا بد أن يكون له عقل متكامل.. والإلهام بالمعنى المتداول .. يلغي العقل ويفرض سيطرة الغيبيات. يقال مثلا عن أسلوب عصر معين إنه “اللغة الموسيقية العامة لهذا العصر”.. وبمجرد أن يتمكن المستمع من الوصول إلى المعنى الموسيقي.. فإنه يصبح قد خطا في الطريق المؤدي إلى التعرف على الأساليب الموسيقية المختلفة والإحساس بها بلمحة سريعة. الصوت الموسيقي هو الأساس الذي تبنى عليه نظرية “اللغة العالمية للموسيقى”.. وبخلاف الصوت فان هناك قانون التنظيم الداخلي للبناء الموسيقي.. وأيضا توجد قوة التأثير الموسيقي على المستمع، التي تحرك فيه المشاعر وتفجر الأحاسيس وتستدعي الخبرات والتجارب.. وتعيد الذاكرة فيما يختص بأحداث وأحاسيس ترتبط باللحن موضوع التذوق. والعصر يطبع اللحن ببصمة معينة تميز التشكيل العلمي والوجداني التلقائي له، الذي يتجسد في الأنماط والقوالب الموسيقية. وإلى جانب العصر، فهناك البيئة التي تلعب دورا رئيسيا في تكوين وتشكيل عقل المؤلف نفسه وحسه الموسيقي. وفي الواقع، فإن سمات مميزة عديدة تظهر في فنون كل عصر وتوحد بين ملامحها العامة وأسلوب بنائها وفكرها، وأيضا تعبيرها .. وهذه السمات هي التي تميز ما يسمى باللغة الموسيقية لهذا العصر أو ذاك. إن هذه اللغة تضم بين مفرداتها الموسيقية مقامات معينة ترتبط بالعصر، وتآلفات هارمونية لم تكن معروفة أو غير مستعملة في العصر السابق مثلا.. الخ. وبتفهم وسائل التعبير الموسيقي العام لكل عصر، يتمكن المستمع الجاد من متابعة أي عمل موسيقي ينتمي إلى أحد العصور الموسيقية الرئيسية. وبإيجاز تام، فإنه سيعرف مقدما الكثير عما يستمع إليه، حتى ولو كان هذا الاستماع يتم لعمل موسيقي لم يتعرف عليه من قبل. ويجعل الإنسان أكذوبة، بلا إرادة ولا وجود.. وكم سمعنا وعايشنا مؤلفي الموسيقى.. وهم يجاهرون بأن الموهبة وحدها والإلهام البعيد عن التحكم والمتابعة وراء خلق هذا اللحن العظيم أو تلك الدرة الموسيقية.. وهم قد يكونون صادقين.. ولكنهم إن صدقوا .. فلا يمكن أن يكون إبداعهم الموسيقي سوى خرافة وجنون.. ولا تكون مؤلفاتهم سوى تخلف وبدائية وانحطاط. ومن البديهي أن هذا الطراز من الموسيقيين، هم فقط ذوو الثقافة الموسيقية الضحلة..إن كانت لديهم ثقافة على الإطلاق. وللأسف فإن هؤلاء يسمعون أنفسهم ويتخيلون المجد والإبداع.. ويحكمون على عبقرياتهم بآذان عفنة ونفوس مريضة. الإلهام إن وجد.. هو وليد العقل والسيطرة والتحكم.. وهو وليد الدراسة والثقافة. أما الذاكرة الموسيقية، التي هي العقل الموسيقي، والإلهام بمعناه العلمي فهي التي تحفظ الثقافة والخبرات والقدرات في العقل الباطن للفنان. وهي التي تؤلف ما يريد من ألحان بمجرد تفكير المؤلف فيها واستدعائه لذخيرتها العلمية والحسية.. وليس الحس سوى انطباع عقلي مصحوب بالخيال. تفشت عادة تعاطي المخدرات بين طبقة من الموسيقيين بهدف الإبداع الموسيقي.. في الوقت الذي يجب أن يتناول المؤلف المنشطات لمراكز العقل – وأقول ذلك مجازا- تلك المراكز التي تتحكم في الحس والشعور والذاكرة.. وعندما نلغي نشاطات العقل.. فإننا نلغي الإمكانيات الصحية للتأليف الموسيقي ويصبح الإلهام خرافة وتخلفا وأكذوبة وتعفنا.. هناك تجارب عدة قام بها الزمن والتاريخ .. وراجعها العلم.. والإنسان.. هناك موسيقيون عظماء أمثال (شومان) و (سميتانا).. كتبوا كنوزا للتراث الموسيقي الإنساني العالمي.. ثم مرضوا .. واختلت عقولهم!!.. استمروا في الكتابة الموسيقية.. فأصبح أمامنا الفارق بين مؤلفاتهم وهم أصحاء .. وإبداعهم الناتج عن الإلهام المجرد، دون تدخل صحيح من العقل البشري- الذي كان قد أصبح عليلا- ودون مراجعة من القوى العقلية الواعية.. ودون ذاكرة بشرية سليمة.. فماذا يمكن أن تكون مؤلفاتهم هذه .. ؟
الذاكرة هي أساس لكل أنواع النشاط والممارسة الموسيقفيَيْن. من الواضح والبديهي أن كلاً من التأليف والأداء، وحتى الاستماع، يعتمد على الذاكرة. فالمؤلف لا يستطيع كتابة أبسط الجمل الموسيقية بفاعلية ذات تأثير إذا لم يكن قد سبق له الاستماع إلى مكونات هذا اللحن وتتابعاته الصوتية والإيقاعية والهارمونية.. الخ. وإذا لم يكن بالتالي قد تمكن من اختزانها في عقله الباطن لتكون تحت الطلب عندما يستدعيها عن طريق الذاكرة.. ويتم ذلك عن طريق اللاشعور.. فيتذكرها المؤلف (أي مكونات اللحن) في علاقات وارتباطات جديدة.. حسب التشكيل الجديد للموسيقى التي يكون بصدد كتابتها. والعازف، بالمثل تقوم ذاكرته بتوجيه أصابعه.. ويتولى هو استدعاء ما يكون قد استمع إليه ودرسه من قبل.. وتكون عملية الاستدعاء هذه هي إعادة خلق اللحن الذي يقوم بأدائه، لأنه يعيد عزفه من خلال ذاكرته وفهمه وإحساسه.. ومن خلال ظروف مختلفة للذاكرة وارتباطاتها النفسية والفسيولوجية بجسم الإنسان ونفسه ومحيط حياته، وسرعة تجاوب جهازه العصبي. أما المستمع.. الذي من أجله يتم كل شيء.. ودونه لا شيء يوجد.
المستمع هذا، لا يستطيع مثلا أن يغني لحنا ما.. ولا يستطيع أن يستمتع بأي موسيقى يكون قد استمع إليها من قبل، ما لم يتمكن من تذكر هذا اللحن بدرجة مطابقة لواقعه، أو أقرب ما تكون إلى هذا الواقع.. وأكثر من ذلك، فإن عملية الاستماع، حتى إلى لحن جديد.. لا يمكن أن تتخللها متعة، ما لم يكن المستمع متمكنا بذاكرته (أثناء الاستماع) من ربط ما يستمع إليه بالمكونات الموسيقية التي يكون قد تعرف عليها مرات عديدة قبل ذلك.. من مكونات مقامية إلى إيقاعية إلى تلوينات أوركسترالية، إلى آخر إمكانيات الفن الموسيقي العلمية والوجدانية. ومن كل ذلك، يتضح لنا أن الذاكرة الموسيقية هي الأساس الأول للكيان الموسيقي متمثلاً في التأليف والأداء أو الاستماع. إن الذاكرة لا تستطيع أن تعمل أو توجد بدون ارتباطات وعلاقات. أي أن عملية الاستدعاء للأفكار أو الألحان هي التي تؤدي إلى تذكير الأشياء.. فالارتباطات، والعلاقات بين الأشياء هي وسيلة الذاكرة إلى النشاط والعمل.. وعلى سبيل المثال فإن صوت جرس المدرسة قد يعيد إلى ذاكرتنا مشهدا من حياتنا المدرسية ربما مرت عليه أعوام طويلة. وبوجه عام، فإن الليل يذكرنا بالنهار. الأبيض بالأسود.. والعاصفة بالهدوء.. أي أننا نذكر الشيء بنقيضه .. مثل السكر والملح.. وقد نذكر الشيء بالشيء المماثل.. فنذكر أن فاكهة حلوة المذاق. ونتذكر مذاقها عندما نراها أو نسمع عنها أو نرى الغير يأكلها.. وكذلك .. فإننا نتذكر اللحن عندما نستمع إليه.. أي أننا نذكر الشيء بالشيء..وقد نتذكر لحنا عندما نستمع إلى صوت آلة موسيقية معينة تكون مشتركة في أدائه .. الخ. ورغم أن الذاكرة الموسيقية توجد عند القلة بشكل قوي في فترات معينة من العمر ومن تجربة الحياة.. فإن القاعدة العامة هي أن هذه الذاكرة يتم تكوينها وتدريبها وصقلها .. والوصول بها إلى مستوى جيد يمكّن صاحبها من الاعتماد عليها في التأليف والأداء أو الاستماع.. وهذا التدريب والتكوين للذاكرة الموسيقية يتم فقط، عن طريق متابعة تقديم المعلومات الموسيقية (في أي صورة من أشكالها) بانتظام وبوعي يقوم الأخير باختزانها.. والسماح لها بالخروج بمجرد الاستدعاء.. أي بمجرد أن يحاول الإنسان تذكرها. عندما أصيب (شومان) بمرضه العقلي الذي أدى به إلى الحياة في مستشفى الأمراض العقلية حتى آخر أيامه، كتب مجموعة من “التنويعات لآلة البيانو”. وكان وهو يؤلف هذه الموسيقى يقفز من فراشه أثناء النوم بعد أن توقظه خيالاته: “أجمل ألحان الملائكة” ، “وحي إلهي من السماء”.. ويجري إلى الورق ليدون إلهامه، الذي قال وكتب.إنه أجمل موسيقى عرفتها البشرية، ويتضح أن الألحان التي قال عنها مؤلفها (شومان) إنها “أجمل ألحان الملائكة”.. لا تزيد عن أن تكون ألحانا للشياطين .. لأن العقل مريض.. والذاكرة الموسيقية مشوشة.. تماما كما يروي عباقرة كثيرون لا يعلمون ماذا يفعلون.. ومن مؤلفات شومان وهو مريض – وهي ليست للنشر ولا للأداء – لحن مشوه.. باهت.. ولكنه إعادة فقيرة تنقصها الذاكرة، لإحدى مؤلفاته العظيمة التي كتبها قبل مرضه. وهذا نموذج واحد.. يوضح لنا أن الإلهام الحقيقي هو الذي يكون فيه الذكاء والعقل الواعي متحكما في كل ما يبدعه الفنان.. وقد يكون هذا التحكم تلقائيا نتيجة للمقدرة والتدريب الواعي الذي يكون (اللاشعور) قد اختزن خلاله المعرفة والإمكانيات، والمقومات التي تؤدي -عند استدعائها- إلى تيار متدفق.. من الإبداع الموسيقي الخصب.. أما الوحي.. والإلهام المجردان من مراجعة العقل.. فإنهما جنون .. ومرض .. وتخلف. إن موسيقى شومان وهو مريض، تضمنت لحناً واحداً سليماً من الناحية العلمية..أي سليم في تراكيبه.. لأنه يبدو أن مخزون عقله الباطن من العلوم والتجارب الموسيقية قبل مرضه، قد سمح لعقله الواعي ببعض الشيء.. ولكن حتى هذا اللحن خرج فقيراً في إنسانيته.. خالياً من كل نفحة حياة.. لأن هذه الشعلة المقدسة التي تلهب الإبداع الموسيقي بانفعال الحياة.. قد انطفأت بعد أن أصبح العقل عليلا، والإحساس وهماً.. قد يقترب من الحقيقة والواقع لحظة، ولكنه يبعد عنها سنوات.. وفي المكتبة القومية بفيينا.. توجد صفحتان من مدوناتف بخطف يد المؤلف الألماني العظيم “أوجوفولف” الذي عاش فترة من حياته في مستشفى الدكتور- “سفتلتج” للأمراض العقلية.. وقد قرر علماء النفس الموسيقيون أن حالته تماثل حالة شومان.. فأعماله وهو مريض بدائية فقيرة.. مهزوزة.. بينما كان يعتقد أنها.. إلهام إلهي نادر.. هذا هو نتاج العقل الباطن الذي يعمل بدون تنسيق من عقل واع صحيح.. بل مع ذاكرة مختلة وذكاء مهدم. أما المؤلف التشيكي القومي العظيم “سميتانا” فقد كانت حالته تثير الأسى.. لأنه عاش العشر سنوات الأخيرة من حياته أصمّا – مثل بيتهوفن – ولكنه في العامين السابقين لوفاته، فقد عقله، وحاول أن يكمل أحد أعماله التي كان قد بدأها قبل مرضه، وكتب لأحد أصدقائه: (إنني أكتب الموسيقى الآن لسبب واحد فقط.. وهو أن يعرف الناس ماذا يمكن لمختل مثلي أن يكتب وحتى يكون ذلك تسجيلا مفيدا لغيري”.. وبالطبع .. فإن الصفحة الأخيرة من هذا العمل الذي كان أوبرا “فيولا” .. هي تسجيل بشع لنهاية موسيقي عظيم.. فقد كان لا يفهم النص الشعري.. ولا يعرف هل يكتب عملا للأصوات أم للآلات. الخلاصة.. هي أن الموسيقى فن العقلاء.. بل هي قمة الفكر، ولذلك فهي قمة الشعور والأحاسيس.. فلا يوجد إحساس ولا عاطفة إلا وخلفهما عقل محرك واع سليم.. وطالما قرر “برامز”- الذي عاش في القرن التاسع عشر.. عصر الرومنتيكية- أن الموسيقى هي فن العقل فقط .. وبالفكر والتحكم العقلي.. تحمل الموسيقى إمكانيات العلوم.. التي هي هرمونيات جميلة معبرة.. وإيقاعات نابضة بالحياة.. وقوالب معمارية متناسقة، وألوان أوركسترالية عميقة.. رائعة.. أي أنه بالفكر وحده تغني الموسيقى نداء القلب وأنشودة السلام.. وقبل أن ننتقل إلى موضوع جديد يرتبط أيضا بالموهبة والإلهام وصفة الكتابة الموسيقية أرجو أن أشير إلى أساس الإلهام وأساس الوحي – لو جاز التعبير- وهو الخيال. فالمؤلف الموسيقي يتمتع بخيال خصب يجعله يرسم بخياله اللوحات الموسيقية ويستمع إليها داخليا، في يقظته وفي نومه ودون أن يستعين بآلة موسيقية. وهذا الخيال هو بالفعل حالة دائمة مستمرة ترافق الفنان وتظل معه حتى تتبلور خيالات المؤلف فيما يسمى بالإلهام الذي يؤدي إلى إبداع المؤلفات الموسيقية. ومن المهم أن أوضح أن الدراسة والعلم والحالة الذهنية الصحيحة هي التي تؤدي إلى الخيال الخصب، لأن الخيال يرسم صوراً ويضع تخطيطاً للمؤلفات، وينتقي القفلات وذروة الانفعال ويؤدي إلى الرنين والاستماع الداخلي، ويحول صورة الطبيعة إلى عالم هائل من الأصوات، ويبني من الموسيقى ذروة اتصال وإلهام وإبداع، ولا يمكن أن يكون كل ذلك جميلاً وسليماً إلا إذا كان العقل يحتفظ بخبرات سابقة مدروسة ومنظمة، فالخيال الإنساني صورة متجددة لما يستدعيه العقل من الخبرات المختزنة في اللاشعور. فالشيء بالشيء يذكر، وأحياناً يذكر الشيء بنقيضه، فيعمل الخيال الصحيح من منطلق العقل الصحيح والعلم والمنطق الذي ينظم الأحداث والرؤى في الخيال ويؤدي إلى لحظة الإلهام، وهي لحظة تتبلور فيها المشاعر والخيالات المحكومة بالخبرات السابقة وبالذاكرة، إنها عملية شديدة التعقيد في تفسيرها، ولكنها بسيطة عبقرية ملهمة بالخيال الموسيقي المتموج في كيان المؤلف والعازف والمستمع. وكما أن العقل السليم في الجسم السليم، فإن الخيال السليم لا يكون إلا بالعقل السليم والعلم.
مقال منقول من الانترنت ,مع قليل من التعديل
بسم الله الرحمن الرحيم
المقالات جدا رائعة ولكن هل بالإمكان تنزيل المراجع الموسيقية ككتب الكترونية حتى يستطيع القارىء ان يدلي بدلوه
وشكرا
انا مع تنزيل المراجع الموسيقية على الموقع
أستاذي الكريم أردت بهذه النبذة عن الموسيقى العربية بأن أساهم في إغناء هذا الموقع لما له من مصداقية في نشر المعلومات المتعلقة بالموسيقى العربية و تقبلوا سيدي الكريم متمنياتي لكم بالتوفيق.
تاريخ الموسيقى العربية
إن تاريخ الموسيقى العربية غامض المعالم, و ما يعرف عنه أن منطقة الشرق العربي قد عايشت ألوانا متعددة من فنون الموسيقى و صناعاتها المختلفة, غير أن المؤرخين دلوا على وجود )القينات( المغنيات, و وجود بعض الآلات الموسيقية كالمزهر و البربط(1) و المزمار و البوق ثم الطبل و الدف. و مما لاشك فيه أن عرب الجنوب كانت لهم موسيقاهم و آلاتهم الخاصة بهم، التي لا يذكر منها التاريخ إلا القليل. كما أن تراث عرب الشمال هو الذي مهد للموسيقى العربية التي ازدهرت إبان الحضارة الإسلامية، كما أن أطراف الجزيرة العربية في الشام و العراق و اليمن كان لهم موسيقاهم و أغانيهم, نظرا لاتصالهم بالشعوب الساسانية و البيزنطية بالإضافة إلى الرومانية و الإغريقية. إن التطور التاريخي لمنطقة الجزيرة العربية عرف خليطا من الفنون و خاصة منها على وجه التحديد الموسيقى بكل مكوناتها, و نسوق للدلالة التاريخية الحضارات التي عاشت على مسرح الجزيرة العربية قبل ميلاد المسيح عليه السلام: الحضارة الفارسية -6000 ق.م و الحضارة السوميرية 4000 ق.م و الحضارة الآشورية 3000 ق.م ثم الحضارة البابلية 2006 ق.م. و لا ننسى ما لهذه الشعوب من حضارات متميزة في تاريخ الإنسانية على الإطلاق. و يذكر أن الآلات الوترية ظهرت عند الفراعنة قبل 3400سنة ق.م. و أكد المؤرخون على أن منطقة الجزيرة العربية، قد كانت لها صلة وثيقة مع بلدان الشرق كالهند والصين خاصة في المجال التجاري، مما يجعلنا نجزم بأن قوافل العرب أتت بالكثير من الآلات الموسيقية و بعض طرق العزف عليها، و بعض أنواع الغناء، و تأثر بعض الموسيقيين و صانعي الآلات الموسيقية بها قبل ظهور الإسلام. و مع بداية العهد الإسلامي، نجد أن أمراء غسان قد اقتنوا أجواقا من القيان اليونانيات، أما اللخميون من أهل الحيرة فكانوا يعرفون آلة العود التي أخذها عنهم أهل الحجاز. و نرى واضحا ما أتى به من تخالط هده الأجناس جناس الكثيرة بسكان الجزيرة العربية, و توافدهم على المدينة المنورة, التي جعل منها إبان الدعوة الإسلامية و بعد الفتح أم القرى. غير أن هدا التوافد حمل الكثير للموسيقى العربية, فقد وفد على المدينة المنورة العديد من المنظرين و المؤلفين في هدا الميدان و على رأسهم سعيد بن مسجح (1) المتوفى (96هجرية/175م) و الذي يعد الرائد الأول في هدا الباب, كونه أول من أدخل السلم البيتاغوري دي السبعة أصوات في الموسيقى العربية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المزهر و البربط نوعان من الآلات الوترية شبيهة بآلة العود.
(1) ـسعيد بن مسجح: هو أبو عثمان سعيد بن مسجح، أحد تلاميدة مسلم بن محرز بن مكي، و يعتبر سعيد بن مسجح أول من أدخل
الغناء الفارسي إلى الشعر العربي، و من أتباعه في الغناء: معبد (أ) و ابن سريج (ب) و الغريض (ت).
(أ) معبد : هو أبو عباد معبد بن وهب، كان ميلاده خلال القرن الأول للهجرة. أخد الموسيقى عن سائب خاثر و نشيط الفارسي،
و قد مزج معبد بين ما تلقاه من أساتدته ليخلق لنفسه أسلوبا جديدا جعله رائدا متقدما في عصره، كما عاصر
إسحاق الموصلي.و قد تتلمذ على يد معبد كل من: سلامة القس و يونس الكاتب مؤلف كتابي النغم و القيان
و ابن عائشة و مالك وقد توفي معبد سنة ( 120هجرية – 743م) و قد شيع جثمانه الخليفة الوليد الثاني.
(ب) ابن سريج : هو أبو يحيى عبيد الله بن سريج، ولد من أب تركي في سنة 12 للهجرة أخد الموسيقى عن طويس (ث)
و ابن مسجح، كان مغني بلاط الوليد بن عبد الملك بن مروان، و وافته المنية سنة 125هجرية/743م. أو634- 726م
, و الذي ظل أساس السلم الموسيقي العربي الوحيد حتى سقوط بغداد سنة1258م، بحيث كانت تقتصر على المقام الخرساني فقط. و قد شرح العديد من النظريات البثاغورية, و كل ما يتعلق بصناعة الموسيقى و آدابها. و لا يخفى على أحد ما تميز به العصر العباسي من نهضة فكرية و علمية، و خاصة في ميدان الموسيقى و صناعاتها، كما أيد موسيقيي هدا العصر السلم البيثاغوري و دلك راجع لما ترجم من المؤلفات اليونانية الموسيقية. و لا يخف على أحد الدور الكبير الذي لعبه الجدد الأول في الغناء العربي إبراهيم المهدي(5) أخو الخليفة هارون الرشيد، بحيث جعل من الفن الموسيقي تطربا لا تكسبا، كما عرف عنه أنه كان يكره التكلف في اللحن و التعقيد. و من المؤكد أن فضل يحيى بن مرزوق
المكي( ) على الموسيقى العربية كبير لأنه كان من اللذين ساهموا في مدرسة المدينة، كما كان أستاذ إبراهيم و إسحاق الموصليان. كما ساهم في تقويم هده الأسس كل من إبراهيم الموصلي(2) المتوفى سنة 188هجرية /804م و ابنه إسحاق الموصلي المتوفى سنة 850م(3) بخلقهم لنظريات جديدة و اجتهادا كبير على صعيد الجملة اللحنية و الإيقاعية و تطوير أسلوب صناعة الموسيقى و أصولها في زمانهم. فبرز إسحاق الموصلي الذي كان في خدمة السلطان الرشيد و المأمون و الذي مزج بين النظريات المتنافرة، فترك 40 كتابا في الموسيقى العلمية و أخبار أهلها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(ت) الغريض : هو أبو يزيد عبد الملك عاش بمكة المكرمة، عاصر والي مكة نافع بن علقمة و مات في عهد الخليفة سليمان بن عبد
الملك بن مروان الأموي (99-96هجرية/717-715م).
(ث) طويس : هو أبو المنعم عيسى بن عبد الله الدائب، ترعرع في بيت السيدة أروى أم الخليفة عثمان رضي الله عنه و أرضاه،
بالمدينة المنورة (35/23هجرية – 656/644م ) و يذكر المؤرخون أن طويس كان يضرب به المثل في الثخنث. و قد عاصر الخليفة معاوية حيث قام أحد عماله مروان بن الحكم بحملة ضد المخنثين، فهاجر إلى السويداء في طريقه إلى سوريا، حتى فارق الحياة عن سن تناهز الثمانين. و من أبرز تلاميدته : ابن سريج (أنظر الأغاني ج 8 ص428).
(2) هو إبراهيم بن ميمون بن نسك من أشراف الفرس، و يرجع المؤرخين كنيته بالموصلي لفراره إلى الموصل من أخواله اللذين منعوه منعوه من تعلم الموسيقى. و يشاء له القدر أن يكون نزيل الأمير محمد بن سليمان بن علي ثم الخليفة المهدي (169/158هجرية-785/775 م) تزوج إبراهيم الموصلي من (دوشار) و (شاهك) التي أنجب منها ابنه إسحاق، كبير موسيقيي العصر العباسي. و قد كان كثيرا ما يعتمد في غنائه على أخ زوجته العازف الكبير على آلة العود زلزل منصور (الملقب بالضارب المتوفى سنة 175 هجرية/791م) مخترع آلة العود الشبوط التي نالت شهرة واسعة في كل البلاد الإسلامية و التي عرفها الأوروبيون خلال القرون الوسطى.
(3) هو أبو محمد إسحاق بن إبراهيم الموصلي، كانت ولادته سنة (150هجرية/ 767م) أخد العزف على آلة العود عن خاله زلزل منصور، و يعتبر إسحاق الموصلي أستاذ زرياب بشهادة كل المؤرخين. كان إسحاق في خدمة بلاط الخليفة هارون الرشيد (193-170هجرية/ 809-786 م) تم الخليفة المأمون (218-198 هجرية/813 833-م) وقد غنى كذلك للخليفة الواثق بالله ( 272 232- هجرية/846-842م) و قد عرف عنه أنه كبير أنصار المدرسة التقليدية و قد وافته المنية سنة (247-232هجرية/861-846م).
(5) هو الخليفة إبراهيم بن الخليفة المهدي العباسي، كانت ولادته سنة162هجرية/778م ببغداد-202هجرية/819-817تقلد الخلافة ما بين -204 وعندما تنحى عن الخلافة احترف الموسيقى و الغناء، فكان أحد أعلام الموسيقى في عصره، رائدا لحركة التجديد في الموسيقى العربية بأسلوبه الرومنطيقي، و كل هدا نتيجة إلمامه بالشعر و العلوم بالإضافة إلى براعته الفائقة في العزف على العديد من الآلات و علمه الغزير بشؤون الموسيقى. و قيل عنه أنه قال: ( أنا ملك و ابن ملك، أغني كما أشتهي….).
و قد ساعد الفيلسوف الكبير أبو نصر الفارابي ت950م على إعطاء الكثير من المعلومات و النظريات كما قام بشرحها في كتابه المشهور – الموسيقي الكبير- و قد ضمنه العديد من الشروح و الأمثلة في صناعة الموسيقى العلمية. و يعتبر هدا الكتاب، أضخم و أبرز ما كتب في علم الموسيقى إلى الآن.
كما أثر فيلسوف العرب الكندي ت252 هجرية 866/م(1) زعيم المنظرين العرب الدين اتبعوا المدرسة الإغريقية، في توجيه الموسيقى العربية مما جعلها تنحو منحا جديدا. و قد تميز القرن العاشر بظهور جماعات فكرية و فلسفية بالبصرة، ساعدت على النهوض بالفكر العربي مثل جماعة إخوان الصفا(2) ) 4 هجرية/970م (و رسائلها التي أولفت في الموسيقى, كانت و لازالت مصدرا يؤخذ به في العديد من الأبحاث و الدراسات العربية و الدولية لما لهده الرسائل من أهمية بالغة حددت بمفاهيم و نظريات المنهج الذي ستسير على منواله الموسيقى العربية فيما بعد. و الغريب في الأمر أن الموسيقى كانت تشغل العديد من الفلاسفة و الأطباء و الرياضيين, أمثال: الشيخ الرئيس ابن سيناء (3) المتوفى 1037م بهمدان- عندما ضمن كتابه الشفاء العديد من الشروحات و المقترحات العلمية الإيجابية و الكثير من المعلومات, منها ذكره لعلم الهارموني و الذي أسماه – التضعيف و التركيب- كما ضمنه كذلك ذكره لبعض رجالات الموسيقى و مفكريها في زمانه. كما قام تلميذه ابن زيلة(4) المتوفى سنة 440 هجرية/ 1048م بتأليف كتابه الكبير- الكافي في الموسيقى- و قد أضاف و أفاض فيما قاله أستاذه ابن سيناء المتوفى سنة (-1037 بهمدان) و شرحه للعديد من النظريات للدين سبقوه. و يبقى التاريخ شاهدا على ما قام به أبو بكر ابن باجة(5) المتوفى بمدينة فاس – المغرب سنة 1138م بنقله للعديد من النظريات و الشروحات التي عاصرها و التي ألفت من قبله وجمعها في رسائل ليعرف بها من بعد. و لا ننسى الكاتب إبراهيم الإشبيلي(1) ت 1264م بمكة المكرمة من خلال كتابه المعروف – ابن سبعين- و هو مؤلف خاص بالأغاني المدونة. و تتألق الموسيقى العربية مع ظهور الأستاذ و الموسيقار العربي الكبير صفي الدين الأرموي(2) ت 1294م الذي غنى للمعتصم آخر خلفاء بني العباس و لهولاكو المغولي و وزيره الجويني.و قد أعطى وجوده نفسا جديدا للموسيقى العربية و تقويم الكثير من الأسس و ابتكار أساليب جديدة في صناعة الموسيقى, مما جعله يدخل تاريخ الموسيقى من بابها الواسع. و قد ترك مؤلفات كثيرة أهمها: الرسالة الشرفية- و-أدوار و لإيقاعات- و يرجع له فضل ابتكار النظرية المقننة, بحيث سجل النوتة الموسيقية بالأحرف و الأرقام.
علم الدين قيصر(3)) ت1251م ( أشهر ما أنجبت الشام و مصر في الرياضيات و صاحب العديد من النظريات الموسيقى, و لا ننسى الخدمات الجليلة التي أسداها للموسيقى في زمانه. و ظلت الموسيقى في عصرها الذهبي بين البحث و التنظير حتى ظهور محمد بن عبد الحميد الاذقي(4) المتوفى سنة1295م و الذي يعتبر كذلك فريد زمانه بشؤون الموسيقى العربية و أجناسها, كما شهد له العديد من المؤرخين بمهارته ثقافته الواسعة في هدا الباب.
و ذكر التاريخ العربي الوقع الكبير الذي تركه المؤرخ العربي الجليل عبد الرحمان ابن خلدون(5)) 133/1406م (المتوفى بالقاهرة, و الأثر الكبير الذي تركه على الساحة العالمية في علم التاريخ بنقله للعديد من المفاهيم و الأصول و خاصة في الموسيقى و صناعتها و مواطنها, و ذكر أخبار رجالاتها و إبداعاتهم و اجتهادا تهم في حقل الموسيقى.
و مند القرن الخامس عشر الميلادي, أصبحت جل فنون الموسيقى العربية تنطوي على نفسها بالتدريج، حتى مطالع القرن التاسع عشر, لم يكن يعنى بها سوى جماعات الفرق الصوفية كالبغدادية و الرفاعية و القادرية و من ضمن هده الفرق: فرقة الملا حسن البابوحجي المتوفى سنة 1840م, و تلامذته الملا حسن الشخيلي و أحمد زيدان 1838/1912م, و تلميذه من بعده رشيد القندرجي(1) 1866/1914م.
و هناك الملا عثمان الموصلي المكفوف 1850/1923م, محمد القبانجي من مواليد سنة1904م، الذي درس بألمانيا, كما اشتهر يوسف بتوني –ولد1887م- بعزف السنتور كما انفرد صالح شميل البغدادي ولد1897م بعزف الجوزة. و قد نبغ في العزف على آلة العود الأستاذ محي الدين حيدر(1) ولد1892م باسطنبول. و من ألمع تلامذته العازف العالمي و الأستاذ المجدد في آلة العود منير بشير (1)، و كل هؤلاء من العراق الشقيق. و يرجع الفضل الكبير لبلاد العراق و الموصل التي تفتخر بنظام المقامات الأساسية السبع, و التي حافظت بدورها بقسط وفير في الحفاظ على عدد لا يستهان به من تقاليد البناء الموسيقي القديم إلى جانب بلاد الشام: سوريا- لبنان- فلسطين- الأردن- التي تفردت بغناء الموشحات و المواويل و الأدوار بالإضافة إلى القصيد. و أبرز موسيقيي هده الفترة: شاكر أفندي الحلبي الدمشقي1820م الذي سافر إلى مصر يعلم الموشحات- الطبيب ميخائيل مشاقة1799/1888م- الشيخ أحمد أبو خليل القباني الدمشقي1833/1903م-
و مع مطالع الخمسينيات من هدا القرن, ظهر الثلاثي الإخوان عاصي و منصور الرحباني(1) المغنية المتفرد في غنائها فيروز(2), و يجدر بنا في هدا الصدد أن نشيد بالدور الذي قامت به أرض الكنانة- مصر العربية- من دور فعال على الساحة الموسيقية العربية, بحيث كانت و لازالت محج العديد من كبار الموسيقى العربية, لكونها امتازت بظهور عدة مدارس نأخذ منها المدرسة الصبهجية و التي لعبت دورا كبيرا للنهوض بالموسيقى بهده الديار وأبرز رجالاتها:الشيخ محمد بن شهاب الدين(2) المتوفى1274هجرية/1857م الذي نشر سفينة تضم350موشحا صارت أساس الموشحات إلى اليوم, عاصرته المغنية مبروكة- عبد الرحيم المسلوب أستاذ عبده الحمولي(3) 1845/1901م. هدا الأخير الذي سمح له صوته الفريد بأن يصبح مغني القصر لدى الخديوي إسماعيل الذي أرسله إلى الآستانة(4) لتعلم الموسيقى التركية فأشاع بجوقته, البشرف و السماعي. و قد نافسته في عصره زوجته المغنية ألمظ(1) 1830/1897م كما زاحمه معاصروه كالأستاذ محمد عثمان(2) 1855/1900م صاحب الموشحات الشهيرة و معاصرته المغنية ساكنة(3). و نذكر كذلك إبراهيم القباني ت1927م كامل الخلعي(4) 1879-1938م صاحب فضل كبير في تدوين العديد من الإيقاعات العربية و التركية, و له مؤلفات عديدة في هدا الموضوع, وقد ألف 100 موشحا عدا الأغاني المسرحية. في هده المدرسة تتلمذ قطب الغناء العربي و موسيقار الأجيال الأستاذ محمد عبد الوهاب(4)1905/1991 م الذي طور الموسيقى العربية بألحانه المتميزة و التي يمتزج فيها أسلوب التطريب بالموسيقى العالمية. كما تتلمذ على هده المدرسة كذلك سيدة الطرب العربي على الإطلاق و كوكب الشرق فاطمة إبراهيم(5) الملقبة بأم كلثوم1898/1975م التي استطاعت من خلال صوتها الندي و إتقانها المدهش لفن الغناء الرفيع و إلمامها بأصول الغناء و آدابه استطاعت أن تربط الناس بالخط الموسيقي التقليدي مدة من الزمن,
رغم ما أدخله الملحنون على أغانيهم من تجديد أمثال: محمد عبد الوهاب- بليغ حمدي(6) ت1993م- محمد القصبجي 1966-1882(6)- و شيخ الملحنين زكرياء أحمد(7) 1880/1961م- و الموسيقار البارع في العزف على آلة العود, و الملحن الخصب دو الطابع العربي الأصيل الأستاذ رياض السنباطي. و يظهر الرائد سلامة حجازي(5) 1917-1852 م صاحب النهضة الفعلية للموسيقى العربية, بحيث حظيت في وجوده بخطوة جديدة إلى الأمام.و مع الإقبال الكبير على الملهاة المسرحية المغناة التي اشتهر بها- مقابل الاؤبرا الأوروبية- و يبقى أبرز الموهوبين دون شك سيد درويش(6) 1892/1923م الذي أعطى للموسيقى دما جديدا و أسلوبا متميزا لم تعرفه من قبل, بما ألفه من موشحات و أدوار.
كما تميزت هده الفترة بظهور الملحن المجدد الموسيقار الأمير فريد الأطرش(9)1910/1975م المتربع على عرش ملك العود و صاحب الصوت الحزين الذي أعاد لآلة العود صولتها بتقنيته الفائقة في العزف على هده الآلة, الأمر جعله يلقب بملك العود, و امتازت ألحانه و أغانيه بأحاسيس وجدانية, كما عاصرته شقيقته أمال الأطرش الملقبة بأسمهان و التي تعتبر في رأي المهتمين و المتخصصين في مجال الموسيقى العربية, أسطورة الموسيقى العربية و التي لم تعمر طويلا.
و لا يفوتنا في هدا الباب أن نذكر الأدوار التاريخية التي مرت بها الموسيقى العربية مند سنة750م و حتى 1258م بحيث تكون بمثابة خلاصة للقول في الحقل التاريخي الذي عبرته الموسيقى العربية و ما عرفته من تطور و نهضة و انحطاط:
التقسيم الكرونولوجي للموسيقى العربية
العصر الدهبي : من750م إلى 847م
عصر النهضة : من 847م إلى 945م
عصر الإنحطاط : من 945م إلى 1257م
و هدا التقسيم نأتي به هنا للدلالة التاريخية التي يحملها, الذي قام بوضعه الباحث هنري.ج. فارمر.
المراجع المعتمدة بالعربية.
– أضواء على الموسيقى المغربية- ص186 لمؤلفه الاستاد صالح الشرقي
مطبعة فضالة- المحمدية 1975. المغرب.
– المستظرف لمؤلفه الأستاذ صالح الشرقي.
– التفسير العلمي لقواعد الموسيقى لمؤلفه الاستاد عبد الحميد مشعـل
– الموسيقى العربية لمؤلفه الأستاذ الدكتور صالح المهدي – تونس
– دعوة إلى الموسيقى: الميسترو يوسف السايسي
– الموسيقى الشرقية: الاستاد سليم لحلو
– كتاب القواعد الموسيقية الكبير: ضانهاو زير أودولف. ترجمة: محمد رشاد بدران-مصر العربية.
– الموسيقى و تاريخها: بول بيتيون.
– أعلام العرب:زرياب(: الدكتور محمد أحمد الحفني- طبع الدار المصرية للتأليف و الترجمة.
– الموسيقى: الاستاد أحمد الدريسي الغازي المطبعة الجديدة 1985.
– بهجة المعرفة: موسوعة للشركة العامة للنشر و التوزيع و الاعلانات – طرابلس) 1982بإيطاليا (
– مبادئ العلوم الموسيقية: جورج فرح منشورات دار مكتبة الحياة- بيروت- لبنان- طبعة 1984
– جريدة الشرق الأوسط : العدد 5230 بتاريخ 4/3/1993
مراسلة مجدي العشماوي تحت عنوان عروبة النظرية في الموسيقى الغربية.
– تعلم بدون معلم: جوزيف فاخوري المكتبة الحديثة للطباعة و النشر- بيروت.
مقال رائع جدا ولكن يؤخذ على الكاتب تعميمه لنظرية العقل في الموسيقى في التأليف على الاقل … علما ان الموسيقى يمكن تصنيفها الى عدة انواع يأتي من ضمنها الموسيقي المعتمده على العقل تأليفا واداء واستماعا وتلك هي الموسيقى الانشائيه ولكن ماذا عن الموسيقى التلقائيه الشعوريه انني اتصور ان ارتباطها بالعقل هو ارتباط تنظيمي ليس اكثر .